الأحد، 28 ديسمبر 2008

تكنولوجيا صيانة القطع الفنية النادرة


يتحدث الكثيرون هذه الأيام عن نشاطات صيانة وترميم القطع الفنية في متحفي الفن الأميركي وصالة الصور الشخصية القومية (ناشيونال بورترايت غاليري) التابعين لمؤسسة سمثسونيان. وكان المتحفان قد عاودا استقبال الزوار بعد ستة أعوام من إغلاقهما لإصلاحهما وتجديدهما. وقد تمت إعادة تجهيز المبنى الذي يقع فيه المتحفان، وهو أولد باتنت بلدنغ (حيث كان يتم تسجيل براءات الاختراع قديما)، كما تم تجديد طريقة عرض قطعهما الفنية وإضافة بعض النشاطات المبتكرة الجديدة إليها. ولعل أكثر هذه الإضافات روعة وتميزا هو مركز لندر لصيانة الأعمال الفنية المكون من خمسة مختبرات زجاجية الجدران، تتيح للجمهور مشاهدة الخبراء أثناء قيامهم بصيانة الكنوز الفنية والمحافظة عليها للأجيال القادمة والتكنولوجيا الحساسة التي يستخدمونها . ويشكل عرض نشاطات خبراء الصيانة بصورة دائمة على الجمهور خطوة رائدة لا سابق لها في تاريخ المتاحف. وتشتمل هذه الغرف الزجاجية على مختبرات خاصة بصيانة اللوحات مجهزة تكنولوجيا، وأخرى لصيانة القطع الفنية والورق، ثم مختبر لصيانة الأطر واستديو لصيانة اللوحات الزيتية. ويشاهد الزوار قطعا فنية في مراحل مختلفة من عملية صيانتها الدقيقة المعقدة، كما يشاهدون الخبراء الذين يقومون بصيانتها أثناء عملهم. وتقوم هذه المختبرات بصيانة القطع الفنية في مجموعتي كل من متحف الفن الأميركي والناشيونال بورتريت غاليري. ورغم أن خبراء الصيانة يعتمدون على رأيهم الشخصي من خلال التمعن في النظر إلى القطع لتقويم حالتها، فإن المختبرات مزودة أيضا بعدد من الأجهزة التكنولوجية الحديثة التي تساعدهم في عملهم. وتصف خبيرة صيانة الورق في صالة الصور الشخصية القومية (ناشيونال بورترايت غاليري)، روزماري فالون، العملية على النحو التالي: 'نتفحص القطعة تحت ظروف ضوئية مختلفة، حتى تحت الأشعة فوق البنفسجية، مما قد يزودنا بمؤشرات تدلنا على نوع المواد المستخدمة فيها. وعلى الرغم من أننا نستطيع أحيانا تحديد نوع المواد بمجرد النظر إليها لكن الأمر يكون أحيانا أكثر تعقيدا'. وعندما تتعقد الأمور يلجأ الخبراء إلى أجهزة التفحص بالأشعة فوق البنفسجية وتحت الحمراء وإلى الميكروسكوبات الخاصة التي تعطيهم صورا مجسمة ثلاثية الأبعاد، والموجودة كلها في مختبراتهم الزجاجية. أما إذا تطلب الأمر مزيدا من التحليل، فبإمكان معهد الصيانة التابع لمؤسسة متاحف سمثسونيان في سوتلاند، بولاية ماريلاند، إجراء اختبارات أكثر شمولا على القطع الفنية. كما يدرس خبراء الصيانة عادات الفنانين وظروفهم، ويتعاونون مع القيمين على المعروضات لتحديد ما ينبغي القيام به لصيانة الأعمال الفنية. وغالبا ما تكون الخطوة الأولى في العملية تحقيق 'استقرار' وضع القطعة للحيلولة دون تدهور حالتها قبل اتخاذ مزيد من الإجراءات.
آلية الصيانة
وقد أمن المركز، الذي تبلغ مساحته 10 آلاف و200 قدم مربعة، مساحة أكبر لعمل خبراء الصيانة. وتحتوي المختبرات على طاولات كبيرة ومعدات خاصة لتنظيف وإصلاح الأعمال الفنية. فثمة مثلا طاولة شفط أو امتصاص لإزالة البقع ومقصورة رشاشات، بالإضافة إلى أدوات أخرى تستعمل في هذه المهنة المقصورة على فئة قليلة من الخبراء. ولكل مختبر أو استديو متطلباته الخاصة. فخبراء صيانة الأطر والمحافظة عليها يقومون بالطلي بالذهب وبنحت ونقش أو صب أو سبك المواد المختلفة لترميم الأطر القديمة أو صنع أطر جديدة تلائم عصر القطعة الفنية. أما خبراء صيانة اللوحات الزيتية فيقومون بتنظيف اللوحة بعناية ثم إصلاحها وأحيانا تنقيحها. أما خبراء صيانة الورق فيواجهون تحدي المحافظة على قطع سريعة الزوال كالصور والصور المطبوعة عن كليشيهات والرسوم واللوحات المرسومة بالألوان المائية. في حين يقوم خبراء المنحوتات بترميم وتجديد الأعمال المجسمة ثلاثية الأبعاد المصنوعة من مواد مختلفة سواء كانت تماثيل صغيرة جدا أو منحوتات ضخمة الحجم.
علم الصيانة
كما يراقب خبراء الصيانة درجات الحرارة والرطوبة في صالات العرض مستخدمين أجهزة المقاييس التخطيطية الحرارية المائية. وقد وفرت فترة الأعوام الستة التي استغرقها تجديد المتحفين فرصة للقيمين على الأعمال الفنية لصيانة قطع لم يكن لديهم الوقت لتقويم وضعها ومعالجة أمرها أثناء دورات المعارض الجديدة والمكررة المعتادة. ويوفر المركز، علاوة على المحافظة على مجموعات القطع الفنية، موردا لعلم الصيانة. وقالت مديرة متحف الفن الأميركي، إليزابث برون، إن الهدف هو 'التأثير في جميع الزوار بحيث ندفعهم إلى تعلم المزيد عن كيفية الاعتناء بكنوزهم الفنية وبحيث نشجعهم على المساعدة في صيانة الأعمال الفنية الموجودة في الأماكن العامة في مجتمعاتهم المحلية'.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق